فوزية العوبثاني
أستاذ تقنيات التعليم المساعد
في خضم التوجه نحو التعلم الإلكتروني، ومن خلال هذه النقلة النوعية المتسارعة نحو ترسيخ الثقافة الرقمية ودمجها في العملية التعليمية تبرز عدد من التحديات المتعلقة بالخطط التربوية، والاستراتيجيات التدريسية، والتكيف بشكل منهجي مدروس مع هذا الاتجاه التربوي الحديث.
تشير عدد من الدراسات والأبحاث التربوية التي تم إجراؤها في هذا المضمار إلى أن بعض المقررات الإلكترونية تفتقر إلى الحس المجتمعي مما يشير إلى أهمية بناء المجتمع الصفي وتنمية سبل التواجد الاجتماعي للطلاب، وخلق روح التفاعل سواء بين المعلم والطالب أو بين الطالب وأقرانه أو بين الطالب والمحتوى.
لتحقيق هذه الغاية، ظهرت العديد من الدراسات التي تناولت هذه القضايا بالبحث والدراسة لتقصي السبل المختلفة والاستراتيجيات المتنوعة التي يمكن أن تسهم في تحقيق التواجد الاجتماعي والتفاعل التعليمي بكفاءة وفعالية.
من أهم المقترحات التي تم طرحها في هذا المجال هي مبادرة المعلم في بداية المقرر الدراسي الإلكتروني بالتعريف بنفسه وتشجيع الطلاب على التعريف بأنفسهم لزملائهم.
هذه الاستراتيجية تعتبر من مؤشرات الجودة التي اعتمدتها معايير ( QualityMatters ) التي تعدّ أحد أبرز المعايير المعتمدة لقياس جودة المقررات الإلكترونية ؛ ذلك أنها تخلق جواً من الألفة والتقارب وتضع اللبنات الأولى في بناء المجتمع الصفي.
وإذا كان النقاش في الصف التقليدي يشكل أحد أبرز الأدوات الحيوية التي تعزز إيجابية المتعلم وتحوله من متلقٍ سلبي للمعلومات إلى مشارك فعال في العملية التعليمية، فإن هذه الاستراتيجيات لا تقل أهمية في بيئة التعلم الإلكترونية؛ إذ تلعب دورا فعالا في إثارة تفاعل الطلاب مع المعلم والمحتوى الدراسي والأقران.
كما تدعم التواجد الاجتماعي للطلاب، وتشجعهم على التحليل والبحث عن طرق بديلة ومتعددة للتفكير، وتساعد على تطبيق مفهوم التعلم النشط.
في سياق التعلم الإلكتروني غير المتزامن ( Asynchronous E-Learning )، توفر وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة مثل تويتر والواتس آب والتليجرام إلى جانب الأدوات التقنية المتوفرة في بيئات التعلم الإلكتروني مثل : منتديات النقاش، وغرف المحادثة والدردشة ، والمدونات ، وويكي فرص المناقشة الهادفة ذات المعنى والتي يتم الإشراف عليها وتوجيهها وضبطها والتحكم في سيرها بشكل صحيح ومثمر من قبل المعلم لتحقيق الأهداف المرجوة.
في حين تبرز أهمية المشاركة والمناقشة المتزامنة والمباشرة والحيّة في سياق التعلم الإلكتروني المتزامن ( Synchronous E-Learning ) وذلك من خلال الفصل الافتراضي.
ويتم ذلك عبر اتخاذ إجراءات وأساليب متعددة مثل : طرح الأسئلة المتنوعة أثناء المحاضرة أو إرسال رابط استبيان أو اختبار قصير أو العروض التي يقدمها الطلاب، أو التغذية الراجعة من قبل الطلاب على أداء زملائهم.
فضلا عن اتاحة الفرصة للطلاب للتعليق وتبادل الآراء حول موضوع معين تم طرحه عبر مقالة علمية، أو فيديو تعليمي،.. إلخ.
المشاريع المشتركة التعاونية التي ينفذها الطلاب إلكترونيا عن بعد تمثل أيضا أحد أفضل استراتيجيات التعلم النشط التي توصي بها الدراسات لإضفاء روح التعاون والتشارك، وتبادل الخبرات والآراء بين الطلاب سواء عبر المنصات التعليمية المتنوعة أو من خلال وسائل التواصل المتعددة.
كما تشجع هذه الطريقة الطلاب على مهارة تحمل المسؤوليات، وتوزيعها وفقا للقدرات الفردية،وتتيح لهم فرصة التعلم من بعضهم البعض والاستفادة من مهارات أقرانهم كما تدعم إيجابيهم ونشاطهم وتفاعلهم.
وأخيرا.. يمكن للحس المجتمعي، والتواجد الاجتماعي، والتفاعل الاجتماعي والتعليمي أن يتحقق في بيئة التعلم الإلكتروني بكفاءة وفعالية إذا استطاع المعلم توظيف الأدوات التكنولوجية في تطبيق الاستراتيجيات التعليمية التعلمية الحديثة التي تغذي مفهوم المشاركة في التعلم، والتعلم النشط، والتعلم التعاوني والمناقشة وتبادل الأفكار والخبرات في جو من التشجيع والتوجيه والتخطيط السليم.